روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | بناتنا والمسلسلات الكورية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > بناتنا والمسلسلات الكورية


  بناتنا والمسلسلات الكورية
     عدد مرات المشاهدة: 2243        عدد مرات الإرسال: 0


بسم الله الرحمن الرحيم

ذات يوم دخلت على أحد الفصول في الصفوف العليا للمرحلة الإبتدائية، فقابلتني طالبة وقالت: أنا يا أستاذة اسمي.... فهمت أنه اسم لشخصية كورية وهذه صديقتي اسمها.....

سألت الطالبات من يتابع الأفلام الكورية والمسلسلات اليابانية؟

فبدا لي أن ربع الفصل يتابعون، ونصفه يشاهد، والربع الأخير لم يتفاعل معي!

أخذت قلم سبورة وطلبت منهم أن يعطوني الإيجابيات التي رأوها، فسردوا لي خمسة إلى ستة ايجابيات، ومنها: تعلم لغتهم، تعلم لغتنا العربية وسرعة القراءة من خلال الترجمة.

بدأت أفندها واحدة واحدة، وهم يفندون معي ويناقشون حتى إنتهيت منها.

سألتهم عن السلبيات فسردوها لي كذلك، ومنها: إختلاط الرجال بالنساء، اللباس غير المحتشم.

أقررتهم على ذلك، وإنتهت الحصة!

خرجت منهم وأنا متعجبة من متابعتهم الشديدة وتأثيرها الكبير عليهم.

الأفلام الكورية والمسلسلات اليابانية فيها شركيات عظيمة وخرافات كبيرة ولا يكاد يخلو فيلم أو مسلسل منها!

يظهر ذلك في عبادتهم لـ بوذا، إلى جانب إستغاثتهم ودعائهم وحلفهم وتقربهم لغير الله كالقبور، وكذلك تصويرهم لملك الموت على شكل آدمي، وتصويرهم له ومعه ورقة فيه أسماء من سيأخذ روحه ثم مسحه لكل اسم أخذ روحه، وعجز ملك الموت عن أخذ روح بعض الأشخاص، وتناسخ الأرواح الذي يؤمنون به، وإحراق الجثث ووضع الرماد بجانبهم ثم إكرام الميت بإشعال شمعة بجانبه كل ليلة إلى غير ذلك من الأمور التي لا يقرها عقل ولا يقبلها دين!

إن مشاهدة هذه الأفلام والمسلسلات التي تعرض من الشركيات الشيء الكبير محرم بذاته، إلى جانب أنه يؤدي إلى الإعجاب بهم والإفتتان بسلوكياتهم ومظاهرهم وعقائدهم، والإعجاب بهم يؤدي إلى تقليدهم في الظاهر، ثم بعد ذلك يصل إلى التقليد في البواطن والعقائد، نسأل الله العافية والسلامة.

فخطورتها تتم بمراحل:

أولها: المشاهدة والمتابعة لأجل التسلية فقط.

ثانيها: الإعجاب والإفتتان بهم.

ثالثها: التقليد في الظاهر.

رابعها واخرها: التقليد في البواطن والعقائد وهو الشرك الصريح.

لذا حذر الله سبحانه وتعالى من مجرد التقليد للمشركين، فقال جلّ في علاه {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فإتبعها ولا تتبع أهواء اللذين لا يعلمون*إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين} [الجاثية:18-19]

فبين الله سبحانه أنه جعل محمدًا صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها الله، وأمره بإتباعها، ونهاه عن إتباع أهواء اللذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون: كل من خالف شريعته.

وأهواؤهم: هم ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الظاهر وتوابع ذلك، كما ذكر ذلك ابن تيمية في تفسيره للآية.

وجاء في الحديث المشهور في صحيح البخاري: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم» قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن» وفي هذا الحديث ذمٌ لمن يتبع المشركين..

وقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على الإبتعاد عن كل ما فيه تشبه، فهذا حذيفة بن اليمان لما دعي إلى وليمة فرأى شيء من زي العجم خرج وقال: من تشبه بقوم فهو منهم.

وورد عن الإئمة الأربعة نصوص كثيرة تدل على تحريم التشبه بالكافرين، ومن أراد الإستزادة فليراجع اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية.

وقد ذكر الشيخ الدكتور ناصر العقل في تعليقه على كتاب شيخ الإسلام إقتضاء الصراط المستقيم كلام جميل في هذا، فقال حفظه الله: إذا حدث أن مسلمًا تشبه بكافر في مظهره وعاداته وسلوكه ولغته أو شيء من ذلك، فإنه لابد أن يورث بينهما شعورًا بالتقارب والمودة، وهذا ما شهد به الواقع فضلًا عن بيان الشرع وموافقة العقل، وهو ما يسمى عند علماء النفس بـ اللا شعور. اهـ

إن الولاء والبراء أصل من أصول العقيدة الإسلامية، قال تعالى في محكم كتابه {يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء*بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [المائدة:51] فنهى الله سبحانه عن موالاة الكافرين، والمحبة والمودة من الموالاة لهم، وهو ما تمر به بعض  بناتنا والله المستعان.

من  بناتنا من يمر بالمرحلة الثانية من الخطورة وهي الإعجاب والإفتتان بهم، وقد رأيت من يكيل المدح والثناء عليهم.. وليته يكون على قيم سامية ومعاني عظيمة..

أغلب الثناء يكون على أشكالهم وحركاتهم وتصرفاتهم وحياتهم.

وإن وجد من يثني على بعض القيم فإنه يثني ثناءًا مجردا من نية إكتساب هذه القيمة، ومجرد الثناء لا يسمن ولا يغني من جوع!

بل يورث النفس إنهزامية وإحتقارًا للمسلمين.. وإنبهارًا وتعظيمًا للكافرين!

ذات مرة رأيت مجموعة من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين العشرين إلى الثلاثين تكيل المدح لهم على نظافتهم ونظامهم، وتكيل السب والشتم لنا ولإنعدام مجتمعنا ممن يحرص على النظافة والنظام.

دقائق معدودة والمجلس خالي من الجميع وما بقى إلا فناجيل القهوة وأوراق البليسية وبقايا شوكولاتات أمام مقعد كل واحدة على حدة، حتى إن الناظر ليعرف ويميز أمكنتهم، ويعرف كل واحده كم أكلت من الحلى الموجود في البليسية ومن الشكولاتات!

رأيت نماذج كثيرة في المجتمع مثال للنظام والنظافة، بل رأيت من الأستاذات من تنحني لتزيل منديل في وسط الطريق أمام طالباتها، ورأيت أب ربى أبناؤه على ترك المكان أفضل مما كان، فكانوا لا يذهبون لأماكن عامة إلا ومعهم كيس قمامة، حتى البر ينظفونه بعد جلوسهم فيه!

والخير موجود ولله الحمد، وإنما المشكلة في قصر النظر على إبراز ايجابياتهم وسلبياتنا.

ومن  بناتنا من يمر بالمرحلة الثالثة من الخطورة، وهي التقليد في الظاهر.

فقد رأيت من يتعلمن اللغة اليابانية أو الكورية، بل يتفاخرن بالتي تعرف أكثر كلمات.

ورأيت من تقلدهم في مظاهرهم وقصات شعورهم.

ورأيت من تقلدهم في حركاتهم وتصرفاتهم، وأذكر أني عند دخولي لفصل سادس.. في نصف الحصة وأثناء حديثي معهم، التفت طالبة على زميلتها وبدأت تقلب عيونها وتقول: فلان الكوري يناظر كِذا!

إرخاء الحبل ل بناتنا لمشاهدة هذه الأفلام والمسلسلات فيه مفاسد عظيمة، أولها: إرتكاب المحرم في مشاهدة مثل هذه التي تعرض شركيات كبيرة، محبتهم ومودتهم، تعظيم الكفار وإحتقار المسلمين، إنسلاخ الهوية الإسلامية...الخ

خصوصًا أن هذه المشاهدة ليس فيها نفع أو فائدة، فالغرض منها هو التسلية فقط، ويمكن الإستعاضة عنها بأمور أخرى، والمجال في هذا واسع وكبير.

في النهاية، بناتنا هم جيل الغد وأمل المستقبل، وتنشأتهم منسلخي الهوية ضعيفي الإعتزاز، دينهم ضعيف وعقيدتهم هشة خطر عظيم!

وهي مسؤولية الأباء والأمهات والمربين والمربيات والمعلمين والمعلمات وكل من له يد عليهم!

فينبغي صرفهم عن المشاهدة بطريق غير مباشر، وإبراز سلبيات مثل هذه الأفلام والمسلسلات، وبيان تحريمها في الشريعة وتوضيح خطورتها على الدين، ومحاولة منعهم من التقليد في المظاهر.

كما ينبغي كذلك إشغال أوقات الفتيات بما فيه نفع وتوفير الجو الديني المناسب لهم!

هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الكاتب: مريم بنت عبدالله العجاجي.

المصدر: موقع صيد الفوائد.